21 نوفمبر 2024 | 19 جمادى الأولى 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

أسامة فخري: فلاسفة الماضي حلموا بالمدينة الفاضلة وأصحاب النبي عاشوا فيها حقا

08 نوفمبر 2015

لقد توالت رسالات الله تعالى إلى الخلق حتى تستقيم حياتهم، ويؤدون مهمتهم في إعمار الأرض، وجاءت رسالة الإسلام الخاتمة، لترسي دعائم الاستقامة والخير، ولتنشر الأخلاق الفاضلة وسط مجتمعات كانت تُعلِى منطق القوة المحضة، على حساب قيم العدل والإنسانية والتراحم، ونحن حين نتحدث عن منظومة القيم، فإننا نمس مباشرة جوهر الرسالة المحمدية، فالمسلمون يفتخرون عبر تاريخهم الفكري والحضاري بامتلاكهم منظومة قيم متكاملة تستند إلى معايير شديدة التفرد والسمو، ذات مرجعية صلبة تستمدها من القرآن والسنة المطهرة.

حول السمات الأخلاقية النبيلة التي تُميز الإنسان المسلم، يقول فضيلة الشيخ أسامة فخري – الداعية والمحاضر – أن من أجَلِّ النِعم على المسلم من بعد الإيمان بالله سبحانه وتعالى، هي أن يُرزق المرء بحسن الخلق، فالإسلام قد نظّم العلاقة بين الأفراد في المجتمع، سواء بين ذوي الأرحام، أو ذوي القربى، أو في الامتداد الاجتماعي الواسع بين أفراد المجتمع المسلم، تحكم كل هذه العلاقات أُطُر الاحترام والتوقير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتناصح، والإحسان والتكافل، وحب الخير للناس، والتضحية من أجل الصالح العام، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) رواه البخاري ومسلم.

يؤكد الشيخ أننا لو تدبرنا في كتاب الله عز وجل لوجدنا أن الكثير من الآيات حين تنهانا عن أمور، فالغالب فيها: أنها تنهى عن كل ما يوجِد الشحناء، والبغضاء، والحسد، والتنافس غير الشريف بين الناس، فحين ينهى الله عن التجسس، أوعن سوء الظن، والفحشاء، والغيبة، والنميمة، فإن الحكمة من وراء ذلك أن يُجنب المجتمع عواقب شيوع تلك الفواحش والشرور، وحينما نتفكر في آيات الله التي تأمر بالمعاني الطيبة، فإن الغالب من هذه الآيات أنها تأمر بكل ما فيه خير للبشرية جمعاء، ليحيا الناس في مجتمعات تسودها قيم المودة والعيش المشترك.


إن الأخلاق هي جُملة دين الإسلام، كما يراها الشيخ، فأنت حينما تسمع عن مسلم لا تعرفه ولا يعرفك، ويبلُغك عنه حُسن خُلُقه، وحِلمه، وكريم طباعه، فإنك تحبه دون أن تراه، هكذا هي مكارم الأخلاق التي بُعث النبي ليتمّها في أُمَتنا منذ بدأت الرسالة.

يقول الشيخ أسامة أن فلاسفة الماضي عاشوا يحلمون بما أسموه "المدينة الفاضلة"، فما الذي أرادوه منها؟ أن يحيا الإنسان في جو راق تسوده المودة، بعيدا عن المنغصات، والأمراض السلوكية، أما أصحاب النبي ومن سار على هديهم فقد عاشوها حقا عندما لمسوا تلك المعاني، ثلاثة وعشرون عاما، ربّى فيها الرسول جيلا من الصحابة العِظام، على قيم الحق، والخير، والنُبل، والسماحة، حينما نتتأمل ما وصلنا من أخبار عن أخلاق أوائل المسلمين، ومن تبعهم بإحسان، نجد فضائل تفوق الوصف، وكيف لا وهم تربوا على نهج مَن وصفه المولى في قرآنه {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].


إن هناك مؤلَفا ضخما يسمى" نضرة النعيم في أخلاق الرسول الكريم" هذا الكتاب عبارة عن ثلاثة عشر مجلدا كلها تتكلم عن أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام،
والمتأمِّل في سيرة رسول الله يجدها نبعًا سخيًّا، ومصدرًا ثريًّا لكل أنواع العظمة الإنسانيَّة، وكيف لا يكون كذلك وقد اصطفاه الله على بني آدم، وختم به أنبياءه ورسله، فكان صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي على الأرض.


ويرى الشيخ إن للعبادات والشعائر من صلاة وصيام وحج وزكاة رسالة ومغزى، يُراد من ورائها أن ترتقي بأخلاق الناس على نهج النبي وأصحابه.

مؤكِدا أن أخلاق المسلمين كانت ولا تزال على قدر عال من الرقي، برغم ما يعتري حياتنا المعاصرة من مشكلات ومصاعب، إلا أن الخير باق إن شاء الله في أمتنا إلى يوم الدين، وسيبقى المسلمون حريصين في غالب أحوالهم على التمسك باخلاق النبي وصحابته الصادقين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ​

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت